الأربعاء، ٢٣ أبريل ٢٠٠٨

الـ"أنا"..ـ

لست أقصد "أنا " الأنانية..

إنما أقصد الادراك والتفكير في "اﻷنا".. فأنا الآن أكتب وأنت الآن تقرأ ..الآن أشعر بنفسي وأنا أضغط الحروف..




عندما يكون الطقس حارا ..أشعر بالضيق ..ليس ﻷن الجو حار ..فلو استرخيت في بيتي لن يشكل الطقس فاقا..أشعر بالضيق ﻷني أشعر بنفسي حارة ..بجسدي المتلاصق..بملابسي الرطبة..هذا ما يجعلني أكره الحر..فهو يوفر لي كما كبيرا من الشعور بـالـ"أنا" في أسوأ حالتها..

عندما أجلس على مقعد وثير في مقهى راق..محاط بالطبقة الراقية ..فإن ذلك يوفر لي الجو الملائم لأستشعر الـ"أنا" الراقية بداخلي ..الجزء المرهف مني..ليس لوثارة الكرسي..بل ﻷني أشعر بأنا المرتاحة..

وهكذا فكل ما في يومنا يحوم حول شعورنا بأنفسنا ..بالـ"أنا" ..فنحن نمارس الألعاب ﻷنها توفر هذا الشعور..وعندما يسود البرود والروتين على اللعبة وتصبح مجرد حركات..يصيبنا الملل ..ﻷننا ببساطة لم نعد نشعر بأنفسنا..لم نعد نشعر بالـ"أنا"..

فنحن نبحث عن الأصدقاء الذين يوفرون لنا أكبر كم من الشعور من الأنا ونبحث عن الفتاة التي توفر لنا أكبر قدر من الأنا وعن الطعام.... وعندما نفقد أي من هذا نبحث عن أداة أخرى توفر هذا الوعي..اﻷنا ..فكلمة السر ليست في الصديق أو الحبيبة أو الطعام بل بوعيي بنفسي عندما أكون معه عندما أتناول....الادراك بالذات هو الهدف

عند الصلاة نحرص على إزالة كل الملهيات والمشتتات..لنستشعر الـ"أنا" بين يدي الله..

عندما يطول
اليوم وتكثر الأحداث نتوق دوما للانطواء ..للاسترخاء..للترفيه ..أيا كانت الطريقة فنحن نبحث عن الأنا.. نعم ..عندما أتمدد على السرير في الهدوء والظلام..فإنني ببساطة أزيل كل المعوقات بيني وبين التفكير في نفسي ..في جسدي..

وربما ألجأ إلى استنشاق هواء منعش يعيد إلي وعيي..ﻷشعر بصدري يمتلأ ببرودته..أو ربما يفضل أحدهم التحدث إلى صديق..أو إلى حبيبة..


ويفضل البعض أن يشرب الخمر ليغيب الـ"أنا " البائسة تماما فيعطل إحساسه بالمشكلة..

وربما لا يحتاج البعض ﻷي من هذا ﻷنه درب نفسه دائما على تجاهل الملهيات والمؤثرات ..على التركيز على الـ"أنا" وما تفعل..أنا الآن آكل ..أنا أشرب..أنا الآن أذاكر..

ولهذا نكره جميعا أن يقاطع أحد استرخاءنا ..أن يحدثنا في حالة انسجامنا..ﻷ نه يلهينا عن الشعور بأنفسنا الشعور بالـ"أنا"..وهكذا فالمثابرين على الدراك بأنفسهم يكرهون الثرثرة والملهيات ﻷنها تنسيهم شعورهم بالـ"أنا"..

وفي بعض المواقف نصف فلان بأنه تائه أو غير مدرك بنفسه..ونشعر بغبائه أو قلة أهميته..فإن كان لا يشعر بنفسه فأي فائدة قد يقدم؟؟



إذا اتفقت معي على وجود اﻷنا في حياتنا فما أهمية الحفاظ عليها؟؟
أعتقد أن الحفاظ على الشعور بالـ"أنا"يحافظ على الطاقة اليومية من الاهدار في كل اتجاه و كل مناسبة..
الحفاظ على الأنا يرفع من كفاءة الانتاج ..فنخشع في الصلاة ..ونركز في المذاكرة..
الشعور بالأنا هو الخطوة الأولى لتجميع الطاقات والقدرات لتوجيهها إلى الاتجاه الصحيح..
أيضا يساعد على الحد من السقطات اليومية..فعندما أنسى أين وضعت كذا .. ؟؟ هل فعلت كذا..؟؟ فأنا قطعا لم أكن أشعر بنفسي.. بالـ"أنا"..

كيف أزيد من شعوري بالـ"أنا" ؟؟


بالتدريب .. :)

ربما ترى الموضوع أصغر من أكتب أنا وتقرأ أنت عنه..لكني أقتنع بالفكرة وأطبقها ..وصدقا أستفيد منها..أتمنى أن تجرب أنت أيضا... :)


آسف على الاطالة وعلى كم الأنا في الموضوع.. :)






"الرجل الذي رآى العالم وهو في الخمسين كما رآه وهو في العشرين..أهدر ثلاثين عاما من حياته" كلاي


هناك ١٨ تعليقًا:

مطرح ما ترسى....دقلها يقول...

فعلا موضوع جامد جدا
حاسس بعقل فلسفى عظيم وراء الكلام

كلام ممتاز
احلى حاجة حبيتها فيه انه جديد تماما

مستنيين بقى مقالتك الحلوة عن ال" انت "
يارب ما نستناش كتير

تحياتى العميقة لهذا الموضوع الرائع وكاتبه العبقرى

مطرح ما ترسى....دقلها يقول...

بالمناسبة انا نسيت

تقرييبا اول مرة فى حياتى اعلق على مقال اول واحد قبل الناس التانيين

:)

khobayb يقول...

الناس بتوع التنمية البشرية يقولو ايه ؟

يقولو :

الإنسان اللي بيتواصل مع نفسه ، وبيفهمها كويس .. هو ده الإنسان الناجح القادر على التغيير

الإنسان اللي بيقدر يعرف خصائصه ومشكلاته .. هو اللي مش هيقول بعد كده : "أنا مش عارف أتغير ..ترارام"

---

والناجح الحقيقي بقى ..

هو اللي يوازن بين "الأنا" و"الاحنا"

لأننا مش عايزين الناجح الأناني
ولا عايزين الفاشل اللي بيحاول يخدم أمته
عايزين الناجح اللي بيخدم أمته

---

دمت بخير
ودام قلمك مبهرا

أحمد هشام يقول...

موضوع رائع جدا ... و فعلا كما قال النبي صلي الله عليه وسلم : " إن في بضع أحدكم صدقة " ... و الانسان الناجح هو من يتميز بملكة الادراك .... فكما يقول العلماء دائما أن الادراك هو خمسون بالمائة من حل المشكلة ... فأنت حين تعي و تدرك ذاتك و تستشعر الرقي حتي أثناء القيام بالدنايا من الأمور كأمور الطعام ... وأمور الترفيه التي لابد منها للحفاظ علي الصحة النفسية .... بل حتي حين ارتكاب الخطأ ... إن هذا كله يعينك علي تدراك الخطأ ...الادراك والوعي بالذات ... لابد أن تقي " الأنا " وتحميها من النيء من الأمور وأن تطلب لها دائما الارتفاع والعلو ...
وشكرا ..... علي الموضوع

الفارس يقول...

فعلا حبيبي ميرو... كم الانا الموجود في موضوعك كبير... وهو فعلا كما قال الاخوة موضوع فلسفي عميق... أقول: قد يكون هذا تعبير عن شعورك تجاه المحيط الذي تعيش فيه ومدى تأثيره فيك أومدى إحساسك أنت بهذا المحيط... ومحاولة جعل هذه الطريقة حل لمشاكل تواجهها..

إذا كان كذلك فهي في الحقيقة طريقة جميلة وابداعية لمعالجة بعض المشاكل التي ربما تلحق بالنفس البشرية من جراء تلاحق وتسارع الزمن وكثرة الاشغال والملهيات والضغط النفسي وغير ذلك ...كل هذا علاجه بالتدرب على المحافظة على الانا البشرية...

فعلا شي جميل شخصت وحللت وعالجت
كما هي العادة مبدع..كما انك هنا كنت دقيقا (وليس برا)^_^ حينما تغلغلت داخل النفس البشرية لتخبرنا عن اناها...فلك تحياتي واشواقي

Adham يقول...

السلام عليكم..
موضوع جميل فكرت فيه كثيرًا ..
وفكرت كثيرًأ بعد قراءة موضوعك للمرة الأولى..
كيف أرد .. وماهو ذاك الذي أفكر فيه..
إلى الآن عزيزي مراد لم أستطع بلورة ما أريد أن أقوله ..
دعني أحاول ..

استوقفني في كلامك موضعان:

أولهما أنني عندما أنسى أين وضعت كذا .. وغثرها من "السقطات" فإنني ببساطة كنت مشغولاً ب"الأنا" أيضًا .. لكن بشأن من شؤونها هو أهم من وضعي للمفاتبح في مكانها!!
وذلك يدعم كلامك أن "الأنا" أولا وآخرًا..

ثانيًا : عندما تحدثت عن التدريب للشعور يال"الأنا" .. فكرت في أنني ربما كنت قد وضعت علامتي التنصيص حول "الشعور" وليس حول الأنا .. فالأنا هي مركز الكون لي في كل وقت .. لك الإدراك اللحظي لها .. الشعور بأنشطتها واحتباجاتها الآنية .. أحسبك تقصد هذا ..

وأخيرًا .. تساؤل .. ما هي القيمة التي أحصل عليها بعد قراءة كل هذه الكلمات ؟؟
ربما أن "أعيش" .. أعتقد أن الهدف أن نتعلم كيف نغيش ,,
ربمأ أحتاج فعلا لمراجعة ذلك ..

لذلك أشكرك..

Mero.. يقول...

كريمي..
شكرا على المرور والتعليق..
ومتبقاش تتقل علينا يا عم الحج دا احنا ناس غلابة..

خبيب..
انا كتبت في الاول ان الموضوع مش عن الانا الانانية..ممكن انت كاتب نصيحة اضافية؟؟ مش عارف بس النص الاول من تعليقك موضح اني وصلت الفكرة صح..
:)تواجدك يسعدني

انا مصري..
جميل الكلام ...
اشكرك

الفارس..
أنا كل ما اقرالك تعليق اقعد اضحك ..مش عارف عشان التعليق ولا عشان ايام زمان

بس عايز اعرف تفرق لو مكنتش بتكلم عن رؤيتي للوسط اللي انا عايش فيه ..لو كنت بتكلم بشكل عام ..هو انا بتكلم بشكل عام فعلا ..تفرق ايه ؟؟

أدهم ..
مش فاهم بالضبط عايز تقول ايه ..بيتهيالي زياره لاوضتك هتوضح الامور ..اشوفك هناك :)

د/اجدع بنوته يقول...

ايه الفلسفه والانا والحجات دى

شابووووووووووووووو

بالعربيه .. تعنى القبعه

لتفكيرك وقلمك واسلوبك

والانا تبعك

Abd Al-Rahman يقول...

بداية أعوذ بالله من كلمة أنا ، بس بيتهيالى ان انا اللى فى البوست غير الانا اللى احنا بنستعيذ منها ، موضوع جيد لكنى لم أستفد منه مثلما استفدت من سابقيه ، أعتقد لان الجانب الفلسفى قد طغى على اسلوبك هذه المرة عزيزى مراد و انا بطبعى لا أحب الفلسفة كثيرا لذلك فانا استمتعت بمواضيعك السابقة أكثر من هذا الموضوع، لكن مازلت أؤكد لك انه موضوع جيد
الى مزيد من الابداعات

abonazzara يقول...

كلام كبير فعلا
والصوفية ليهم كلام كبير برضه في موضوع الأنا دي ولهم قصص في التصوف - العاقل طبعا - مش هبل والشرك بتوضح نظرتهم الى ذات الإنسان وعلاقاتها بذات الله عز وجل وكيف ترتبط الذات البشرية بالذات الإلهية وكيف تقترب منها بالطاعات حتى يصير العبد ربانيا يقول للشيء كن فيكون وكيف تبتعد عنها بالمعاصي حتى يصبح العبد مقطوعا تماما عن الله فلا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ، وأن غاية العبد أن تفنى ذاته في الذات الإلهية وغاية هذا الفناء هو الشهادة في سبيل الله
تدوينة رائعة فعلا
جزاك الله خيرا

دكتور بهــدوء يقول...

ال انا الان معجبه جدا بفكر
فعلا معجب بفكرك جدا
هايل وكمل كمل كمل

Ali Korkor يقول...

اولا الموضوع مكتوب بطريقة ممتازة و الجانب الفلسفي وراه رائع
ثانيا انا متفق معاك تماما و ان كان الكثير من البشر بحكم دورة حياة الانسان المصري بييجي في مرحلة و يفقد الانا بتاعته للأنا بتاعت اسرته و ده فعلا سبب في انتهاء حياته كما يتمناها

في الواقع ده مش سيء جدا برضه
احيانا فقدان الانا بيكون افضل شيء للشخص

mostafa rayan يقول...

والله عندك حق يمكن لما نحس بنفسنا نبطل نهينها ونبطل نتذل لغير الله
سلامي لك

Mero.. يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
سنووايت يقول...

الموضوع استفز الانا عندي لدرجة اني بكتب الرد دا دلوقتي
باختصار كلام مقنع وفكرته وصلت بسهولة باسلوب راقي جدا

Ali Korkor يقول...

انا اللفظ خانني
مكنتش اقصد فقدانها
كنت اقصد خروجها من داخلنا و تجسدها فيما نراه

Mero.. يقول...

د/اجدع بنوته
اهو يعني بحاول افكر ..مادام مش فالح في الطب اشوفلي حاجة تانية

شكرا على القبعة :)

Abd Al-Rahman
زي ما قلت كلانا يفكر في اتجاه معاكس..لذلك اتوقع بعض المواضيع متعجبكش مستقبلا برضه لكن رايك لا يزال يهمني بشدة وحريص انك تقرا موضيعي واقرا مواضيعك يمكن نلتقي او يفتح واحد للتاني باب :)

أبو نظارة ..
تقصد المتصوفين الاوائل اعتقد ..فهمت
شكرا على مرورك وتعليقك :)

دكتور بهــدوء ..
دايما تحرجني وتثبتني .. افكارك رائعة..من الغريب اننا متعرفناش كويس قبل كدا..

علي قرقر..
انا كنت بقصد الأنا الأكثر تحديدا وتفصيلا
لو كنت بتتكلم عنها برضه يبقى اكيد هنختلف ان فقدنها كويس..حتى لما ننفض نبقى حاسين اننا منفضين :)

mostafarayan
شكرا لك ع المرور والاضافة مصطفى..
على اسم والدي :) ...............وجدي

Mero.. يقول...

سنووايت..
من الجميل إن الموضوع يكون أثار الفكرة عندك..أتمنى فعلا تضيف لينا كلنا ..شكر اعلى مرورك وتعليقك..نورتي البلوج