الأحد، ٢٠ سبتمبر ٢٠٠٩

فأنتم الطلقاء

بداية .. عيد سعيد وكل عام وأنتم بخير :)

منذ صغري .. منذ أن كنت "ااااات كدا هوه" .. أسمع قصة "اذهبوا فأنتم الطلقاء" حيث وقف النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة وعفى عن الكفار .. القصة عادة عن سماحة الإسلام وخلق النبي صلى الله عليه وسلم .. أتمنى فقط أن لا يكون الدافع الديني هو سبب اقتدائنا .. ألا نقتدي به فقط لأن هذا سيأخذنا إلى الجنة ..
بالفعل نحتاج إلى كثير من الرقي و الترفع لنفعل شيئا مماثلا .. العفو أو التنازل عن الحق .. شيء لي فعلا ولا لوم علي إن أخذت حقي لكنني أتركه ..
حقيقة جميعا نحتاج أن نتوقف للحظة كل فترة لنقيم وضعنا في الرقي والترفع .. الأمور لا يجب دائما أن تحسب بالورقة والقلم .. الصح والخطأ .. ما لي وما علي .. بعض الأحيان لنحاول أن ننظر إلى الأمور بمقدار ما يمكننا الاستغناء عن حقوقنا .. لماذا ؟؟ بغض النظر عن السبب الديني .. في بعض الأحيان الآخرين يحتاجون حقي أكثر مني .. نعم أنا لا أحتاجه ولا أهتم به .. لماذا أصر عليه بالرغم أن غيري يحتاجه ..
لماذا الانتقام !! هو لن يوفر لي كثير من السعادة ولكنه سيسبب الكثير من الألم لشخص آخر .. ربما يستحقه .. نعم ... حسنا كلما زاد استحقاقه للعقاب كلما زاد عفوي عنه وترفعي عن الانتقام قدرا .. هذا يعني أنني فعلا شخص أفضل.. نعم لأتحدث بصدق وواقعية .. فليذهب حتى إلى الجحيم ربما يستحق ذلك .. وربما لأ .. ليست النقطة.. بل أنا وردة فعلي هو ما أفكر فيه .. لا أقول هذا لأني قرأته في كتاب السيرة أو لأنه فعل بطولي سيجعلني شخصا خارقا .. إن لم أستطع فعله لن أفعله .. سأنتقم .. لكن يجب أن أقف لأتساءل .. لماذا أمكن غيري أن يعفو ولم أتمكن أنا .. الأمر لا يدور ويتمحور حول الأبله الذي أخطأ في حقي .. بل عني وعن قدرتي في الترفع والتغاضي .. فعلا

ترك المراء وإن كنت محقا .. التنازل عن الشكر والمدح حتى وإن استحققته .. العفو عن تعدي الغير على دائرتي .. قدرتي على كل هذا هيا ما تجعلني أقيم نفسي كإنسان راقي .. ليس الابتسامة المصطنعة .. ليس شكرا وآسف التي لا نعنيها .. ليست الشوكة والسكينة..

قبل سنين كنت في فريق عمل وبما أني كنت الرئيس وأنجزنا عملا يضرب به المثل .. لم أستطع أن أبتلع أن يدعي آخر أنه قام بكل شيء وظهر بمظهر البطل .. تكلمت مع رئيسي .. لأختصر القصة قال لي " إنت زعلان ليه ؟؟ إنت أصلا عملتها لله .. المدح والتقدير من حقك .. لكن هو احتاجه أكتر منك ونسبه لنفسك .. سيبه له" .. بالطبع يبدو كلامه من "يوتوبيا" .. حسنا .. جربتها فيما بعد .. خمن !!! بعد سنين الآن .. لا أحد يذكر العمل ولا أحد يذكر الانجاز .. لست بطلا بين الناس لكنني سعيد لأني تركت حقي لمن احتاجه أكثر .. لأنني ترفعت عن احراجه أيضا .. لا أقول هذا لأكون بطلا في عينك.. فقط لتعلم أنني لا أتحدث عن عالم مثالي خيالي ولا تحتاج أن تكون "سوبرمان" لتفعل هكذا أفعال .. إن كنت أستطيع .. فأنت أيضا .. وأكثر

أصدقائي يسمونني الـ"!@%$" و برتاحون فعلا وينفسون عن غضبهم بهذا الاسم القبيح .. وبغض النظر عن أني أستحقه وفي بعض الأحيان أجده مسلي .. إلا أن الواضح أن بعضهم ينفس مشاكل يومه في شتمي ... لا بأس يمكنني تحمل ذلك .. يمكنني أن أكون مشتوما كثيرا :D .. فلست أهتم على أية حال .. في حين تبدو أنها تنفس عنه الكثير.. من حقي أن أشتمه بالمقابل .. لكن لماذا !! لا لشيء إلا أنني أستطيع وأريد مادامت لا أهتم حقيقة بهذا الحق !!!

لماذا يعتذر لي رئيسي الذي لا يؤمن بدين أصلا "سأكتب عنه لاحقا " عن وقتي ومجهودي .. رغم أنه يدفع مقابله .. لماذا يساعدني رغم أنه يدفع بسخاء .. هو لا يقيم الموقف بالحقوق .. بما له وما عليه .. هو يرى أنه يمكن أن يساعد وأن وقتي "الذي يدفع له" يمكن حفظه لذلك فهو يساعد وينفذ ما آمره أنا به .. شيء محير .. لا منبع ديني لديه .. لكن هذا هو ما يؤمن به في الحياة


قس على هذا ما يمر بنا كل يوم .. رجل في الشارع يصطدم بك ثم يلومك بوقاحة .. حقيقة بالورقة والقلم لك الحق أن "تطلع عين !@$#" .. أو شتمك آخر في الشارع فقط لأن مظهرك لم يعجبه..أو كما يقول بنك الحظ "اتهمت غدرا وظهرت براءتك" .. أو .. أو .. أو
رد فعلنا في كل هذه المواقف التي لنا كل الحق أن نغضب أو ننتقم أو ننفجر أو نحزن هو ما يحدد مدى الرقي بداخلنا..
إن تغاضيت فهذا جيد .. إن سامحت فهذا رائع .. إن ابتسمت لتخفف عنه فأنت فعلا رائع .. هوبفولي :D

كل هذا في الدين .. وفعله بنية خالصة لله مطلوب .. لكن كلما نبعت الأفعال من داخلنا باستشعار واحساس مجرد .. كانت أقوى وأسرع نموا .. ويمكننا أن نجعلها أيضا لله


دمت بخير

هناك ٣ تعليقات:

Adham يقول...

مقال رائع ومسلّي يا "#&$" هههههه
حلوة يا سيدي

Aalaa يقول...

موضوع جميل جدا جدا جدا جدا :)

ربنا بيسامح الانسان وبيغفرله ،،
فبالتالي الانسان مش هيكون صعب عليه انه يسامح انسان زيه وينسي انه غلط في حقه في وقت من الاوقات ،ده لو كان انسان طبيعي ونيته صافيه ومش بيحب ياذي الناس او يشيل منهم ضغينه، ناس في حالها يعني

والانتقام ده بيلجأ ليه النفوس الضعيفه اللي مليانه حقد ،و مينفعش معاهم تفاهم ، ناس عايشين للدنيا ومش شايفين غيرها

Lobna Ahmed Nour يقول...

نو ثينج تو ساي .. بيوتيفوووول :)
وي نيد تو فورجيف آند تو بي فورجيفد